|||

حوصلة حول مطلب النفاذ لمشروع قانون مكافحة جرائم المعلومات في تونس: متى سيرى الشمس؟

بالتزامن مع اليوم العالمي إلى النفاذ للمعلومة الموافق 28 سبتمبر 2018، فقد قمنا بإعداد هذا التقرير من أجل تمكين الجهات المختلفة من الإطلاع على تجربتنا في ممارسة حق النفاذ إلى المعلومة وتحقيقاً لمبدأ الشفافية.

في ماي 2018، علمنا بأن مجلس الوزراء قام بالمصادقة على مشروع قانون مكافحة الجرائم المتعلقة بأنظمة المعلومات والاتصال (‘قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية’). إذ أن قانون الجرائم الإلكترونية يعتبر من بين أهم القوانين في عصر التكنولوجيا الجديد، ففي ظل الازدياد الكبير والمستمر لعدد مستخدمي الانترنت حول العالم بشكل عام وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل خاص، أصبحت الحكومات تتعامل مع الإنترنت باعتباره سلاح أو وسيلة لتهديد الأمن العام، الأمر الذي ساهم في تشكيل وبلورة تحدي كبير اتجاه صياغة أو المصادقة على التشريعات السيبرانية وتعتبر مثل هذه القوانين في بعض الأحيان خطر على حرية التعبير على الإنترنت، وقد قمنا مسبقاً بكتابة مقال يوَضح هذا الأمر.

انطلاقاً من هذه الخطوة، وعملاً بالقانون الأساسي عدد 22-2016 المؤرخ في 24 مارس 2016 المتتعّلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة  و الفصل 32 من دستور 27 جانفي 2014 حيث تضمن الدولة الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة، قام فريق أكساس ناو في شهري جويلية وأوت بالتحري في ما يخص قانون مكافحة جرائم المعلومات في تونس.


في 02 أوت 2018، قمنا بتوجيه مطلب نفاذ إلى المعلومة فيما يتعلق بالحصول على نسخة عن مشروع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية إلى وزارة العدل وسبق أن نشرنا مقال يروي تفاصيل هذا المطلب حيث وصلنا الرد من قبل وزارة العدل عبر البريد الإلكتروني في 15 أوت 2018، مشيرة الى أن الجهة المبادرة بطرح المشروع هي وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي وبالتالي قامت برد المطلب نظراً لعدم الاختصاص.

كخطوة ثانية، في 28 أوت 2018 تقدمنا مرة أخرى بمطلب نفاذ إلى مشروع قانون الجرائم الإلكترونية لدى وزارة تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي ممثلة بوزيرها السيد أنور معروف.

في 18 سبتمبر 2018، وهو تاريخ انتهاء آجال الرد على مطلب النفاذ إلى المعلومة وفقاً للفصل 14 من القانون الأساسي عدد 22-2016 المؤرخ 24 مارس  2016 والذي ينص على أن : « على الهيكل المعني الردّ على كل مطلب نفاذ في أجل أقصاه عشرين (20) يوما من تاريخ توصّله بالمطلب أو من تاريخ تصحيحه » ، تفاجأنا بعدم حصولنا على رد رسمي من وزارة التكنولوجيا والإتصالات.

رداً على ذلك، وفي إطار الاستمرار في متابعة تمشي مشروع هذا القانون، في 19 سبتمبر 2018 قمنا بالتوجه إلى مقر وزارة تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي الكائن في 88 نهج محمد الخامس في تونس، وذلك للأستفسار عن أي مستجدات بخصوص مطلبنا، إذ لم نحصل ولم يردنا أي رد توضيحي من الوزارة. وعندها تم اعلامنا أن الوزارة قامت بالتواصل مع الجهات المختصة إضافة إلى أنها قامت بمراسلات داخلية مع مكتب الشؤون القانونية والنزاعات من أجل تزويدنا بالرد المناسب.

في يوم 20 سبتمبر 2018، عاودنا الاتصال بالوزارة عن طريق الهاتف وإضافة إلى ذلك فقد قمنا بسؤال الوزارة لاحقاً – عبر البريد الإلكتروني – عن مدى إمكانية تحديد إجراء لقاء مع أحد المسؤولين المكلفين بالنظر في مطالب النفاذ إلى المعلومة في الوزارة.

في صباح اليوم التالي، 21 سبتمبر، اعلمتنا الوزارة بأنها قامت بإرسال رد عبر صندوق البريد بخصوص الحصول على النسخة المكتوبة عن قانون الجرائم الإلكترونية. غير أن الرد الوارد بخصوص اجراء اللقاء مع أحد المسؤولين في الوزارة لم يكن واضحاً. إذ في نهاية الأمر تمت افادتنا أن وزارة التكنولوجيا والإتصالات قد أرسلت رداً عبر البريد وأنها لم تعد مسؤولة عن ذلك.

                    

وأخيراً، في يوم 25 سبتمبر 2018، استلمنا الرد الوارد من الوزارة عبر البريد والذي أوضح أن الصيغة الحالية من مشروع القانون المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية ليست بالصيغة النهائية، وأن الوزارة لازالت تقوم بمعالجة بعض النقاط الفنية تبعاً لتوصيات مجلس الوزراء المنعقد في جوان 2018.

ماذا بعد؟

ورداً على هذه التجربة، فإننا نؤكد على أهمية ممارسة حق النفاذ إلى المعلومات العمومية وندعو كافة الجهات والوزارات إلى اتخاذ تدابير من شأنها تسهيل الوصول إلى المعلومات المطلوبة. حيث عرّف الفصل 3 من القانون الأساسي عدد 22 لسنة 2016 المعلومة على أنها: « كل معلومة مدونة مهما كان تاريخها أو شكلها أو وعائها  والتي تنتجها أو تتحصل عليها الهياكل الخاضعة لأحكام هذا القانون في إطار ممارسة نشاطها »، وهذا يعني إمكانية الوصول لأي معلومة مدونة لدى الوزارات حتى لو لم تكن في صيغتها النهائية، إذ أن حق النفاذ للمعلومة لا يعتبر حقاَ فقط، بل يعتبر أيضاً أداة ووسيلة لتحقيق مبدأ الشفافية والمساءلة.

سنقوم في أكساس ناو بالاستمرار في متابعة مشروع هذا القانون الذي لم يحظى حتى الآن باهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام، وفي كل الأحوال سنقوم بنشر أي تحديثات بخصوص مشروع القانون ليتم الإطلاع عليه من قبل الجهات المختلفة.