وسط حالة الخوف والفوضى في ظل فيروس كوفيد-19 في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: لا تشارك في انتهاك خصوصية الآخرين!

يتوفر هذا المقال باللغة الإنجليزية.

في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انتشاراً سريعاً لفيروس كوفيد-19 المستجد، إلى جانب حالة الخوف والهلع الذي خلّفه بين المواطنين والتداول الهائل للمعلومات والأخبار الزائفة، قام عدد من مستخدمي الإنترنت في المنطقة بنشر ومشاركة بيانات ومعلومات شخصية خاصة بأشخاص آخرين على وسائل التواصل الاجتماعي. حيث تم تسريب وتداول قوائم تتضمن أسماء المصابين وحاملي الفيروس عبر مختلف صفحات ومجموعات Facebook والـ WhatsApp، بما في ذلك أسمائهم الكاملة، عناوينهم، بطاقات الهوية الوطنية ونسخ من جوازات سفرهم، وذلك تحت ذريعة “الحد من انتشار الفيروس”، وفي أحوال أخرى، لإلحاق العار بالأشخاص الذين لم يلتزموا بتعليمات الحكومة وأوامر الحجر الصحيّ الإجباريّ. 

على إثر هذه الممارسات، يمكن لمستخدمي الإنترنت أن يعّرضوا أنفسهم والآخرين لخطر جسيم من خلال مشاركة المعلومات الشخصية والطبيّة عن الآخرين. وفي ذات الوقت، قامت العديد من الحكومات في المنطقة بتسخير التكنولوجيات الحديثة لتتبع ومراقبة المواطنين، بما في ذلك تطبيقات التتبع الجغرافي وتقنيات التعرف على الوجه كاستجابة لفيروس كوفيد-19، الأمر الذي يزيد من خطر تقويض الحق في الخصوصية وحماية المعلومات الشخصية. 

انتشار كبير لأسماء وعناوين المصابين

منذ بداية إعلان وفرض حظر التجوال في الأردن في منتصف مارس /آذار من هذا العام، تداول مستخدمو الإنترنت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي اسم وصورة عن جواز سفر مواطن أردني انتهك الحجر الإلزامي بعد عودته من السفر. ومع استمرار هذه الممارسات التي تنتهك من الحق في الخصوصية، أعلنت القوات المسلحة الأردنية أن الجيش سوف يتعقب ويوقف الأشخاص الذين ينتهكون خصوصية المرضى من خلال مشاركة معلوماتهم الشخصية عبر الفضاء الرقمي والإنترنت.

وخلال الشهر ذاته، نشر وشارك مستخدمو وسائل التواصل  الاجتماعي في المغرب، قائمة بأسماء الركاب الذين وصلوا إلى البلاد على نفس الرحلة مع شخص ظهرت عليه أعراض الفيروس المستجد. انتشرت القائمة بشكل مكّثف على منصات مثل WhatsApp و Facebook. ومما زاد الأمر سوءاً، أن القائمة كانت ملحقة بنداءات تحذّر فيها بعدم التواصل أو الاقتراب من الأشخاص المذكورين في القائمة، والتي تم مشاركتها دون التحقق بالأساس من صحة المعلومات الواردة فيها. وفي العديد من البلدان الأخرى، واجه الأشخاص المشتبه بإصابتهم بالفيروس ممارسات تمييزية ضدهم عبر الإنترنت وعلى أرض الواقع، وتلقوا العديد من التهديدات بالقتل، الأمر الذي يمس من سلامتهم ويعرض حياتهم لخطر حقيقي.

بعد أن أثارت منظمات المجتمع المدني وغيرها من الجهات مخاوف جدية كنتيجة لهذه الحادثة، فتح مكتب المدعي العام تحقيقا في الحادث، وتبعه صدور حكم من المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء بأن مشاركة القائمة يمكن أن “تشكل جريمة جنائية بسبب الكشف عن السرية المهنية والتشهير وانتهاك البيانات الشخصية”.

استهداف أفراد من مجتمع الميم (+LGBTQ)

قامت مؤخراً إحدى “المؤثرات” على وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب بتشجيع متابعيها عبر Instagram على استخدام تطبيقات المواعدة مثل Grindr و PlanetRomeo ليتمكنوا من تحديد ومعرفة الأفراد الذكور الذين ينتمون إلى مجتمع الميم ضمن عائلاتهم وفي مجتمعاتهم. وقالت خلال مقطع فيديو مباشر على إنستغرام “بما أن الجميع في المنزل الآن، يمكن أن تظهر لك [تطبيقات المواعدة] زوجك في غرفة نومك، وقد تظهر لك ابنك الذي قد يكون في دورة المياه.”

بعد أن لقي مقطع الفيديو استنكاراً من قبل نشطاء مجتمع الميم، قام Instagram بتعليق حساب “المؤثرة”. كما يتضح، فإن الكشف عن التفاصيل الخاصة لأعضاء مجتمع الميم له تبعات وعواقب وخيمة للغاية وخاصة في المجتمعات المحافظة. حيث أن بعض الرجال المثليين في المغرب أصبحوا أكثر من أي وقت مضى يخشون على حياتهم، لأن الكشف عن ميولهم الجنسية قد تعني طردهم من منازلهم وسط هذه الأزمة الوبائية. كما أنهم يعانون من خوف مستمر من أن يتم تداول صورهم على Facebook، والتي يمكن أن تصل إلى أفراد العائلة أو حتى الآخرين. وهذا ما حصل مؤخراً في الواقع، إذ تعرّض إحدى الضحايا، وهو طالب جامعي مثليّ يبلغ من العمر 23 عامًا، لحادثة مماثلة وتم الكشف عن ميوله الجنسية على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي تم اكتشافه لاحقاً من قبل أخيه الذي يقيم معه. وقالت الضحية لـ هيومن رايتس ووتش: “كنت أنام في الشارع منذ ثلاثة أيام، وليس لدي أي مكان أذهب إليه. وبسبب وباء كوفيد-19، لم يتمكن حتى أصدقائي المقربون من استضافتي”. وأضاف إنه يخشى على سلامته وحياته إذا حاول العودة إلى منزل شقيقه.

انتهاك الخصوصية يعرّض حياة الآخرين للخطر

على الرغم من أن استخدام المعلومات الشخصية من قبل مسؤولي الصحة قد يلعب دورًا مهماً في احتواء انتشار الفيروس، ولكن لا ينبغي استخدام هذه البيانات بطريقة من شأنها أن تعرض حياة الآخرين للخطر. في مثل هذه الظروف الاستثنائية مثل أزمة الصحة العامّة، من الضروري أن نستمر في حماية حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الحق في الخصوصية وحماية البيانات الشخصية، وهذه الضمانات مهمة على وجه التحديد لأولئك الذين ينتمون إلى مجموعات معرضة أكثر من غيرها للخطر، مثل أعضاء مجتمع الميم. 

وقد عبر مصابي الفيروس المستجد إلى جانب ذلك، عن المعاناة والأذى النفسي الذي لحق بهم  نتيجة نشر معلوماتهم الشخصية وإلحاق العار بهم علنًا عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي. إذ أنّ نشر ومشاركة المعلومات الخاصة للآخرين عبر الإنترنت تزيد من خطر تعرض الأشخاص للمراقبة أو التمييز ضدهم، وقد يؤدي ذلك إلى تلقيهم تهديدات صريحة بالقتل. نظرًا لتزايد مثل هذه الممارسات، فنحن جميعًا عرضة لأن نكون ضحايا لانتهاكات الخصوصية هذه، وبالتلي معرضون للمخاطر الناتجة عنها.

خطوات ونصائح لحماية خصوصيتك 

عند مشاركتك لمحتوى معين على وسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيقات المراسلة، فأنت لا تخاطر فقط بالتخلي عن جزء من خصوصيتك، بل قد تعرض خصوصية الأشخاص الآخرين للخطر والانتهاك، حتى في حال عدم وجود قصد أو نية مسبقة لإلحاق الضرر بهم. ولعلّ أهم ما قد يثير القلق في هذه الحالة بشكل خاص، أنه غالباً ما يتم مشاركة هذه المعلومات دون التحقق من دقتها وصحتها، ودون الحصول على موافقة صريحة من المعنيين بالأمر. خلال أزمة كوفيد-19 المستجد، يجب أن نكون جميعًا على دراية بطبيعة المعلومات التي نشاركها، وأن نفهم كيفية حماية خصوصيتنا وخصوصية الآخرين من خلال التفكير في سلوكنا عبر الإنترنت.

فيما يلي، نشارك بعض النصائح العامة لرفع الوعي حول هذه المسألة وتعزيز خصوصيتك وأمانك الرقمي عند استخدام منصات التواصل الاجتماعي. إذا وجدت/ي نفسك معرضاً/ةً للخطر أو تعتقد/ين أن خصوصيتك قد تعرضت للخطر أو الانتهاك، يمكنك التواصل مع خط المساعدة للأمن الرقمي الخاص بنا عن طريق الاتصال ومراسلة [email protected]. يوفر خط المساعدة الخاص بنا دعماً فنياً مباشراً على مدار 24 ساعة وطوال أيام الأسبوع لمجموعات ونشطاء المجتمع المدني والمنظمات الإعلامية والصحفيين والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

1- تحقق/ي من دقة المعلومات وتحكم/ي فيما تنشره/ينه على وسائل التواصل الاجتماعي

قبل مشاركة أي معلومات، تأكد/ي من التحقق من صحة المصادر التي تستخدمها للحصول على معلومات حول الفيروس المستجد. إنّ المعلومات الشخصية، ولا سيما البيانات الشخصية المتعلقة بالصحة، حساسة بطبيعتها بسبب الطريقة (الطرق) الضارة التي يمكن أن تستخدم فيها. وفقًا لذلك، يجب ألا تشارك/ي هذه المعلومات على الصفحات العامة أو بين شبكتك على منصات التواصل الاجتماعي. كحل بديل، قم/ومي دائمًا بالرجوع إلى المصادر الرسمية لوزارة الصحة في بلدك ومنظمة الصحة العالمية.

 

2- قم/قومي بمراجعة إعدادات الخصوصية لحساباتك على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بك:

إذا كنت قلقًا/ة بشأن الكم الهائل من المعلومات التي تشاركها/ينها على وسائل التواصل الاجتماعي ومع من، فيجب عليك التفكير ملياً في في مراجعة إعدادات الخصوصية على Facebook أوGoogle، أو مراجعة إعدادات خصوصية Instagram أو Twitter.

 

3- انتبه للمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها عبر الإنترنت!

في مثل هذه الأوقات الصعبة، أصبحت التقنيات الرقمية أكثر فائدة من أي وقت مضى في إبقائنا على اطلاع وتواصل دائم. لكن لسوء الحظ، تستغل بعض الجهات المنصات الرقمية لتنفيذ الهجمات الإلكترونية عبر الإنترنت واستهداف مستخدمي الانترنت ببرمجيات وتقنيات خبيثة أيضًا. من المهم دائمًا أن نضع سلامتنا على الإنترنت أولاً، ويمكن أن تبدأ/ي بالإطلاع على بعض المصادر التي قد تساعدك على اعتماد ممارسات حماية رقمية جديدة مثل مخطط الأمان الخاص بـ Citizen Lab، و Security-in-a-box، ودليل الدفاع الذاتي للمراقبة من EFF.


لمزيد من الموارد حول هذا ، يمكنكم أيضًا زيارة “مجموعة الإسعافات الأولية الرقمية”.