Read in English / للقراءة بالعربية
في إطار حملة #لا_لقطع_الإنترنت_خلال_الامتحانات (KeepItOn#)، نوجّه رسالة مفتوحة لحثّ السلطات الأردنية على عدم اللجوء إلى سياسة قطع الإنترنت خلال الامتحانات.
دولة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة،
نسخة إلى: معالي وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي عزمي محافظه
وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة
الموضوع: قطع الإنترنت خلال امتحانات شهادة الثانوية العامّة
دولة رئيس الوزراء بشر الخصاونة،
نوجّه إلى حضرتكم هذه الرسالة بالنيابة عن منظمات “سمكس” (SMEX)، و”أكسس ناو” (Access Now) و”جمعية الإنترنت” (Internet Society)، وأعضاء تحالف #لا_لقطع_الإنترنت_خلال_الامتحانات، وهو عبارة عن شبكة تضمّ أكثر من 300 منظمة مجتمع مدني من 105 دول تعمل على وضع حدّ لسياسة قطع الإنترنت. ونناشد دولتكم لضمان وصول الأشخاص في الأردن إلى الإنترنت ومنصّات التواصل الاجتماعي وسائر قنوات الاتصال من دون أيّ عوائق خلال امتحانات التوجيهي المقبلة المقرّر إجراؤها في شهرَيْ حزيران/يونيو وتموز/يوليو 2024.
منذ العام 2018، حجب الأردن مراراً تطبيقات المراسلة وقطعَ الإنترنت عن المناطق التي تجري فيها الامتحانات بهدف منع الغش أو تسريب أسئلة الامتحانات. وقد سُرِرنا لعدم ورود تقارير عن قطع الإنترنت أو حجبه خلال امتحانات العام 2023، ونأمل أن يستمرّ ذلك في العام 2024، تمهيداً لاتّخاذ تدابير تضمن احترام الحقوق لضبط امتحانات التوجيهي. لا شكّ في أنّ الغش في الامتحانات مشكلة لا بدّ من معالجتها، إلا أنّ الحلّ لا يكمن في قطع الإنترنت، خاصة أنّ هذه التدابير فشلت في ثني الطلاب عن محاولة تسريب الأسئلة. لذا، ندعو الحكومة الأردنية إلى عدم قطع الإنترنت خلال امتحانات هذا العام وإلى اعتماد بدائل أكثر فعالية وتناسباً.
إنّ حجب التطبيقات وقطع الاتصال بالإنترنت إجراءٌ عديم الفعالية، لا بل هو مُكلِفٌ ويضرّ بالمجتمع والاقتصاد الأردنيّين. فهذه التدابير تؤثّر سلباً على التعليم، وعلى تقديم خدمات الرعاية الصحية، والعمليات التجارية، والأنشطة اليومية التي تعتمد جميعها على المنصّات الرقمية. في العام 2020 وحده، تسبّب حجب التطبيقات خلال فترة الامتحانات بخسائر مالية للأردن قُدِّرَت بـ4.9 ملايين دولار أميركي. وبعد أن حجب الأردن تطبيق “تيكتوك” العام الماضي، فقدَ 4.43 ملايين شخصٍ الوصول إلى التطبيق، ما ترك الكثير من المستخدمين الذين يعتمدون عليه لكسب معيشتهم بدون دخل.
إنّ ممارسة “خنق الإنترنت” (Internet throttling)، التي تعني تخفيض سرعة الإنترنت عمداً، تشكّل انتهاكاً للحق الأساسي في حرّية التعبير وفي الوصول إلى المعلومات. خلال فترات الامتحانات السابقة، أمرت السلطات الأردنية مقدّمي خدمة الإنترنت بحجب الوصول إلى تطبيقات المراسلة، ما حدّ من قدرة الناس على التواصل مع بعضهم البعض، وتصفُّح المواقع الإلكترونية الحكوميّة، والوصول إلى معلومات قد تُنقِذ أرواحهم. بالتالي، فإنّ منع الوصول إلى الإنترنت، حتى إذا اقتصر على مناطق وفترات معيّنة، يهدّد سلامة الأشخاص والمشاركة العامة والوصول إلى المعلومات وحقوق الإنسان.
عمدَت السلطات الأردنية مراراً إلى تقييد الوصول إلى خدمات الاتصالات، مثل تطبيقات المراسلة وخدمات البث المباشر، في ما يعتبره كثيرون محاولة للتحكّم بالخطاب العام، وردع الأصوات المعارِضة، ومنع تنظيم التظاهرات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. كذلك، جرى توثيق حالات استخدمت فيها السلطات صلاحياتها لمنع أو تقييد الوصول إلى منصّات مثل “تلغرام” و”فيسبوك” و”فايبر” و”كلابهاوس” و”لاين” و”تانغو” و”واتساب” و”IMO”، غالباً من دون تبريرات واضحة باستثناء التخوّف من الغش في الامتحانات. بالإضافة إلى ذلك، طلبت وزارة التربية من هيئة تنظيم قطاع الاتصالات حجب مواقع إلكترونية وتطبيقات من دون أمر قضائي، في مخالفة للقانون. ويثير امتثال هيئة تنظيم قطاع الاتصالات لطلب الوزارة تساؤلات حول مهمّة الهيئة الأساسية المتمثّلة في حماية وصول جميع الأشخاص إلى الإنترنت. وكون الأردن من الدول التي صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لا بدّ له من الوفاء بالتزامه بحماية وتعزيز الحق في حرية الرأي والتعبير.
يشكّل قطع الإنترنت تحت أيّ ظرف انتهاكاً لحقوق الإنسان. وبحسب المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يقيّد قطع الإنترنت قدرة الأشخاص على التواصل والتعبير عن أنفسهم والتماس المعلومات الأساسية، ما ينتهك حقّهم الأساسي في حرية التعبير. ويدين المجتمع الدولي على نطاق واسع عمليات قطع الإنترنت، كما يُظهِر قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة رقم 47/16 والقرارات التالية الصادرة عن الأمم المتّحدة، التي تُدين “اللجوء إلى قطع الإنترنت لمنع أو تقييد الوصول إلى المعلومات أو نشرها بشكل متعمّد أو تعسّفي”.
في تقرير صدر مؤخراً عن قطع الإنترنت، ذهب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة أبعد من ذلك، إذ نظر في الأثر على مجموعة واسعة من حقوق الإنسان وحثّ السلطات على عدم اللجوء إلى قطع الإنترنت. كذلك، شدّدت مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان على أنّ “حجب الإنترنت يتسبب في أضرار لا تُحصى، سواء من الناحية المادية أو في ما يتعلّق بحقوق الإنسان“، مضيفةً أنه “دائماً ما تتجاوز التكاليف التي تتكبّدها الوظائف والتعليم والصحة والمشاركة السياسية أي فائدة مرجوة من حجب الإنترنت”.
إنّ قطع الإنترنت ليس ضرورياً ولا متناسباً بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. فالمادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تُجيز للدول “أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيّد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد”. وبحسب لجنة الأمم المتّحدة المعنية بحقوق الإنسان، ينبغي أن يعكس هذا “مبدأ التناسب الذي يُعدّ مألوفاً في حالة السلطات التي يجري بموجبها عدم التقيد بالأحكام وفرض القيود”. بعبارة أخرى، فإنّ “أيّ تدبير يقتضي عدم التقيّد بالأحكام ينبغي أن يقتصر على حالة الضرورة القصوى للتعامل مع الخطر الذي يطال حياة الأمة وأن يكون متناسباً مع طبيعة هذا الخطر وحجمه“. غير أنّ قطع الإنترنت يؤثّر في جميع المستخدمين/ات ويُقيِّد الوصول إلى المعلومات وإلى خدمات الاتصالات الطارئة في الأوقات الحرجة من دون مبرّر، ما يعني أنّه تدبير غير متناسب بطبيعته.
في ضوء ما تقدّم، نرحّب بالنهج الضامن للحقوق الذي اعتمده الأردن العام الماضي من خلال الامتناع عن قطع الإنترنت وحجب المنصّات خلال فترة الامتحانات، كما ندعوكم إلى الالتزام بوقف هذه الممارسة المُكلِفة، وغير الفعالة، وغير المتناسبة في امتحانات هذا العام. ونحن مستعدّون لمناقشة هذه المسألة بمزيد من التفصيل معكم أو مع مكتبكم، ولتقديم الدعم من أجل تحقيق هذا التحوّل بعيداً عن قطع الإنترنت ونحو بدائل أكثر احتراماً للحقوق.
وتفضّلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،
الموقّعون
سمكس
أكسس ناو
جمعية الإنترنت