|

منظمات وجمعيات حقوقية تدعو الحكومة التونسية إلى إرجاء إطلاق المنصة الرقمية لتوجيه الدعم لمستحقيه

تدعو المنظمات والجمعيات الموقعة على هذا البيان الحكومة التونسية إلى إرجاء إطلاق المنصة الرقمية لتوجيه الدعم لمستحقيه وذلك لخرقها قانون حماية المعطيات الشخصية وعدم اعتماد مبدأ التشاركية والشفافية في مختلف مراحل تطوير المنصة بما من شأنه أن يمس من حق التونسيين والتونسيات في الخصوصية وحماية معطياتهم الشخصية.  

أعلنت وزيرة التجارة والصادرات بالحكومة التونسية يوم 3 جانفي الفارط عن دخول المنصة الرقمية لتوجيه الدعم لمستحقيه حيز التطبيق خلال شهر جانفي أو فيفري من هذه السنة، دون إعطاء تاريخ محدد. كما سبقتها في نوفمبر 2022 وزيرة المالية التي أعلنت أن التسجيل في المنصة سينطلق حينها، دون أن يكون لتصريحها تبعات على أرض الواقع. 

وحسب ما أفادت به الوزيرتين، فإن هذه المنصة ستمكن الحكومة من توجيه تحويلات مالية بصفة مباشرة للفئات الاجتماعية التي سوف تتأثر برفع الدعم عن المواد الأساسية، وهو إجراء قد يشمل 70% من العائلات التونسية أي ما يقارب 8 مليون شخص. ستكون المنصة مفتوحة للعموم للتسجيل، ولكن هذا التسجيل سيكون آليا بالنسبة للمعوزين ومحدودي الدخل. 

تذكّر المنظمات والجمعيات الموقعة أدناه أن مثل هذه الحلول الرقمية والتي تتعامل مع كم هائل من المعطيات، ما يعرف تقنيا بالبيانات الكبيرة (big data)، تستوجب القيام بالدراسات الاستباقية اللازمة لتقييم الأثر على المعطيات الشخصية والسلامة الرقمية، وذلك من خلال تكليف خبراء مستقلين يقدّمون على اثرها تقريرا يعرض للعموم للنقاش والتفاعل، ولتمكين الأطراف الفاعلة من منظمات مجتمع مدني وأهل الاختصاص من طرح مقترحاتهم في إطار مبدأ التشاركية عند إطلاق المشاريع الوطنية الكبرى. 

إلا أنه خلافا لهذا، فقد تميز هذا المشروع بغياب تام للشفافية، حيث أن الوزارات المعنية لم تفصح عن معلومات أساسية على غرار الهيئات والمؤسسات المسؤولة مباشرة عن تصميم المشروع وتطويره ومن ثم إطلاقه، وهل تم إجراء الاختبارات والدراسات الاستباقية اللازمة، كما أنها لم تحدد المعطيات الشخصية التي يتعين على المواطنين/ات تقديمها مقابل الحصول على الخدمة، وهل أن التسجيل على المنصة إجباري للتمتع بالدعم المالي المستحق أم أختياري. 

بالإضافة إلى ما سبق، فقد أقدمت الحكومة التونسية من خلال الوزارة أو الوزارات المشرفة على هذا المشروع على خرق القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المؤرخ في 27 جويلية 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، حيث أفادت الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية بعدم قيام الحكومة بالتصريح المسبق الملزم لديها طبقا للفصل السابع من القانون الذي ينص أنه “تخضع كل عملية معالجة معطيات شخصية لتصريح مسبق يودع بمقر الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية”، كما لم تقم باستشارة الهيئة لإبداء رأيها مثلما ينص عليه الفصل 77 من نفس القانون.

تعتبر المنظمات والجمعيات الممضية أن مثل هذه الممارسات المتكررة في عدم احترام الإطار التشريعي القائم لحماية المعطيات الشخصية، على غرار ما وقع مع المرسوم 54 لسنة 2022، تمثل مؤشرا إضافيا خطيرا عن عدم جدية الحكومة التونسية في الالتزام بتعهداتها القانونية وتعهدات تونس الدولية في حماية الحق في الخصوصية والمعطيات الشخصية وعلى رأسها الاتفاقية 108 لمجلس أوروبا وبروتوكولها الإضافي 181. كما أن هذا البرنامج يندرج في سياسة حكومية غير واضحة المعالم في الرقمنة الشاملة عبر عدة مشاريع تفتقد للشفافية مثل مشروع الهوية الرقمية على الجوال (ء-هوية أو Mobile ID) ومشروع إنشاء قاعدة بيانات بيومترية من طرف وزارة الداخلية في إطار اعتماد بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين

في هذا السياق، نبهت عديد المنظمات والجمعيات وزارة الداخلية التونسية من المضي قدما في مشروع بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين في شاكلته المطروحة، كما توجهت خمسة منظمات لوزارة تكنولوجيات الاتصال باستفسار حول مشروع الهوية الرقمية على الجوال دون أن تتلقى أي رد، مما يكرس سياسة الغموض وغياب التشاركية التي تعتمدها الحكومة في مشاريع رقمنة الخدمات العامة. 

إن تواتر هذه الإجراءات وتشابهها في مختلف المشاريع الرقمية التي تتعامل مع المعطيات الشخصية من شأنه أن يؤثر سلبا على حق التونسيين والتونسيات في الخصوصية وسلامتهم في الفضاء الرقمي، حيث أن غياب مقومات الحماية التي يقتضيها القانون وتعهدات الدولة التونسية قد يوفر إطارا ملائما لتسهيل الرقابة الشاملة من طرف أجهزة الدولة دون أن يكون لهم حق الطعن أمام هيئة مستقلة تضمن حماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة. كما تمثل هذه المنصات الحساسة أهدافا رئيسية لعمليات القرصنة والتحيل الالكترونيين على غرار ما وقع مع البنك المركزي في مارس 2022 أو في الهند والارجنتين، وما قد تخلفه من أضرار على الحياة اليومية للمواطنين/ات. 

بناء على ما سبق، فإن المنظمات والجمعيات الممضية تدعو الحكومة التونسية إلى:

  • إرجاء إطلاق المنصة الرقمية لتوجيه الدعم لمستحقيه حتى استيفاء كافة الشروط القانونية.
  • القيام بكافة الدراسات الاستباقية اللازمة لتقييم أثر هذه المنصة على المعطيات الشخصية وحقوق الإنسان ونشرها للعموم، والتشاور مع كافة الأطراف أصحاب المصلحة من هياكل ومكونات مجتمع مدني وخبراء حول نتائج هذه الدراسات.
  • الالتزام باحترام مقتضيات القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية على مدى كافة مراحل تطوير المشروع.
  • تمكين المواطنين/ات من الاطلاع على تفاصيل مشاريع الرقمنة التي تطورها الحكومة والتي تعتمد على المعطيات الشخصية، على غرار مشروع الهوية الرقمية على الجوال ومشروع المعرف الوحيد للمواطن ومشروع بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين، ومدى ترابط هذه المشاريع ببعضها البعض.
  • جعل الانخراط في كافة هذه المشاريع اختياري وغير اجباري، وتمكين المواطنين/ات من النفاذ إلى كافة المعلومات المتعلقة بمعالجة معطياتهم الشخصية.
  • العمل على إقرار قانون جديد لحماية المعطيات الشخصية يركز في جوهره على المواطن/ة ويحترم حقوقه/ها ويتلاءم مع الواقع الرقمي والتزامات تونس الدولية. 

الإمضاءات:

    • أكساس ناو 
    • منظمة البوصلة 
    • الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية 
    • جمعية تكلّم من أجل حرية التعبير والإبداع
    • جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات
    • الجمعية التونسية لمساندة الأقليات
    • الجمعية التونسية للحراك الثقافي
    • الأورومتوسطية للحقوق
    • دمج الجمعية التونسية للعدالة والمساواة
    • المخبر السياسي 117 (جمعية صناع الامل)
    • موجودين 
    • منظمة المادة 19
    • جمعية المفكرة القانونية – تونس