|

بطاقة التعريف البيومترية مقابل الحياة الخاصة للتونسيين: الفوز للخصوصية ! لكن الجدل مازال متواصل

حقق شعب تونس انتصارا كبيرا للخصوصية حيث تم سحب اقتراح مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المؤرخ في 22 مارس 1993 المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية من قبل وزارة الداخلية الذي قد برمج مناقشته في مجلس نواب الشعب والتصويت عليه لجلسة 9 جانفي 2018.

            

لقد عملنا بجهد مع شركائنا في جمعية البوصلة لمعارضة إقرار مشروع القانون، بما في ذلك تشجيع أعضاء مجلس نواب الشعب على اعتماد مجموعة من التعديلات الرئيسية لضمان أنه في حالة  تمريرها، فإن مشروع القانون يحمي البيانات الشخصية للمواطنين وحقهم في تصحيح المعلومات الخاصة بهم في حالة الخطأ.

خلال الأسبوع الماضي، تحدثنا مع أعضاء مجلس النواب، و أبرزنا لهم مخاطر دفع مشروع القانون من خلال عدم إضافة حماية ضرورية وحيوية لخصوصية التونسيين و خاصةً تأمين قاعدة البيانات.

وقدم أعضاء مجلس نواب الشعب التعديلات التي اقترحناها، وتم اعتمادها جميعاً تقريبا في إطار لجنة التوافقات. من ناحية أخرى، دفعت وزارة الداخلية من أجل  إقرار مشروع القانون بدون هذه الضمانات الهامة مما أدى إلى سحب المشروع من طرفها.

وقالت وفاء بن حسین، مستشارة السیاسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا، أن ھذه الخطوة مشجعة جدا للمؤسسات الدیمقراطیة في تونس. « أتيحت الفرصة لأعضاء مجلس النواب لتقييم القانون المناهض لمبادئ حقوق الإنسان المتجسدة في الدستور، واهتموا بخصوصية التونسيين وحقوقهم الدستورية ». (انظر بياننا الصحفي باللغة الفرنسية).

تعتبر هذه النتيجة خطوة هامة لتونس لعدد من الأسباب. ويظهر ذلك خاصةً عندما يستثمر بلد ما في بناء مجتمع مدني يهتم بالحقوق المكرسة في الدستور التونسي ويفهم القضايا الأساسية لحقوق الإنسان على المحك، خاصةً في المجال الرقمي. عندما نعمل معا لإعلام المحامين والمسؤولين، يمكننا النجاح والدفاع عن الحقوق والحريات التي تمكن مجتمع أقوى وأكثر أمانا للجميع. وهذا ما أظهره أعضاء مجلس النواب في الدفاع على تلك الحقوق.

نحن ممتنون بشكل خاص إلى شوقي قداس، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، الذي كان ثابتا على المادة 24 من الدستور، التي تنص على الحق الأساسي في الخصوصية في تونس. كما نشكر أعضاء مجلس نواب الشعب الذين يواصلون الاستماع إلى المجتمع المدني والعمل معهم بشأن القضايا المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية والأمن الرقمي، مما يساعد تونس على منع الكوارث الخاصة بالخصوصية مثل خرق واسع النطاق لبيانات التونسيين.

على الرغم من أننا سعداء جدًا، يجب أن نظل يقظين. فمن الممكن أن يرجع مشروع هذا القانون في شكل آخر. وإذا حدث ذلك، سنواصل العمل لضمان أن أي تشريع جديد يحمي حقوق الإنسان.

نظرة على تاريخ مشروع القانون وما هي الخطوات القادمة للدفاع عن الخصوصية وغيرها من الحقوق الأساسية في تونس :

كيف وصلنا إلى هنا:

في 5 أوت 2016، قدم المجلس الوزاري إلى مجلس نواب الشعب مشروع قانون ليحل محل بطاقات التعريف الحالية لبطاقات بيومترية تحتوي على شريحة إلكترونية. وقد أسند مشروع القانون إلى لجنة الحقوق والحريات.

وفي 7 جويلية 2017، أكملت لجنة الحقوق والحريات مراجعتها. وكان من المفترض مناقشة مشروع القانون في الجلسة العامة التي عقدت في 18 أو 19 جويلية 2017. ولكن بسبب إلتزامات تشريعية أخرى، أجلت المناقشة وأعيدت مرة أخرى إلى لجنة الحقوق والحريات. وظل مشروع القانون هناك حتى وضع أخيرا على جدول أعمال الجلسة العامة مرة أخرى في 9 جانفي 2018.

في 4 جانفي 2018، تحدث شوقي قداس، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، أمام لجنة الحقوق والحريات لمناقشة المخاطر التي يطرحها مشروع القانون على خصوصية البيانات. و أوضح قداس أنه ليس الشكل البيومتري في حد ذاته هو الإشكال، ولكن الغياب المثير للحماية من الضمانات للخصوصية والبيانات الشخصية للمواطنين هو المثير للقلق.

وفي 5 جانفي 2018، تحدث وزير الداخلية، لطفي براهم، أمام نفس اللجنة للمطالبة بتمرير مشروع القانون. وقال إنه لا يمكن لأحد الاستيلاء على البيانات الشخصية لأي فرد، وأن وزارة الداخلية هي كيان محمي بالكامل، ويجب على التونسيين أن يثقوا بذلك. لكن أعضاء اللجنة وقفوا على إجراء تعديلات لضمان سلامة جميع البيانات الشخصية التونسية. وأكدت اللجنة بحق أن تونس دولة قانون وليست دولة ثقة.

وفي 8 جانفي 2018، قبل يوم واحد من الموعد المقرر للتصويت على مشروع هذا القانون في الجلسة العامة، اجتمعت لجنة التوافقات لمناقشة واعتماد التعديلات التي اقترحها أعضاء اللجنة وكذلك من قبل قادة مختلف الأحزاب السياسية.

إشتد النقاش، خاصة عندما تعلق الأمر بإدراج بصمات الأصابع في بطاقة التعريف البيومترية. على سبيل المثال، قال أحد أعضاء حزب نداء تونس إنه يجب تضمين بصمات الأصابع لجميع التونسيين في البطاقة نفسها وكذلك في قاعدة بيانات وطنية، من أجل السلامة. حيث عارض آخرون في اللجنة، مشيرين إلى أنه في حين أن بصمات الأصابع في البطاقة نفسها يمكن أن تكون مفيدة لأغراض التحقق، تخزينها في قاعدة بيانات وطنية تثير المخاوف الأمنية الرقمية.

في نهاية الجلسة اعتمدت اللجنة معظم أحكام حماية البيانات المقدمة.

في 9 جانفي 2018، وهو اليوم الذي كان من المقرر أن يذهب المشروع المعدل إلى الجلسة العامة، قدمت وزارة الداخلية طلب رسمي لسحب مشروع القانون.

ماهي الخطوات القادمة؟ نبقى يقظين

أكساس ناو وشركائها سيواصلون العمل على هذا المشروع حتى يتمكنوا من الرد على أي مقترحات بديلة وضمان حمايتها وخصوصية التونسيين والتونسيات. إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن قضايا حقوق الإنسان على المحك في اقتراح البطاقة البيومترية، ندعوك لزيارة صفحة الفيسبوك لدينا وتحقق من الفيديو الذي يوضح مخاطر اعتماد مثل هذه البطاقة، وخاصة من دون حماية رئيسية لحقوق الإنسان (تجدونه باللهجة التونسية مع ترجمة باللغة الإنجليزية).

إذا كنت في تونس، نشجعك أيضا على حضور الملتقيات التي ننظمها مع مؤسسة روزا لوكسمبورج لمناقشة مجموعة من القضايا الخاصة بالحقوق الرقمية. معا، يمكننا بالفعل حماية حقوق الإنسان في تونس. نأمل أن تشارك وتساعد على الحفاظ على هذه الحقوق – حتى نتمكن من الاستمرار في التحرك نحو مستقبل أفضل لنا جميعا.