في ظل الارتفاع الملحوظ في استخدام القوانين السيبرانية لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأصوات المعارضة للسلطات في المنطقة العربية، تطلق أكساس ناو (Access Now) ورقة سياسات جديدة بعنوان “قوانين الجرائم السيبرانية في المنطقة العربية: حماية للفضاء الرقمي أم قمع للحريات؟“، والتي تسلط الضوء على تأثير هذه التشريعات على الحقوق الرقمية، خاصة حرية التعبير والحق في الخصوصية.
تُظهر وتيرة العقوبات السجنية والاعتقالات باستخدام قوانين الجرائم السيبرانية ضد الأفراد في المنطقة العربية على خلفية ممارستهم لحقهم في حرية التعبير أن الغاية الأساسية من هذه التشريعات هي خنق الفضاء الرقمي و قمع الأصوات المعارضة. ينبغي لهذه القوانين أن تتصدى الجرائم السيبرانية الحقيقية التي تهدد أنظمة المعلومات والاتصال أو الحق في الخصوصية. لذا، ينبغي على صناع القوانين والسياسات حماية حقوق الإنسان في العصر الرقمي، لا استهدافها.أيمن زغدودي، مستشار السياسات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تقدّم الورقة تحليلاً معمّقاً لمجموعة من القوانين الصادرة في عدة دول عربية، وتكشف عن توجه متزايد لاستخدامها كأداة لقمع الحريات الأساسية للناس تحت ستار مكافحة الجرائم الإلكترونية، مما يُعرّض الدول لمخاطر كبيرة مثل فقدان ثقة الناس وتراجع التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني.
أصبحت مكافحة الجرائم الالكترونية مجرد حجة تستخدمها الحكومات العربية لملاحقة وقمع الأصوات الحرّة والمعارضة. وعليه، سارعت غالبية الدول العربية بسنّ قوانين سيبرانية جائرة أو تحديث القديم منها كجزء أساسي من ترسانة القمع الرقمي في المنطقة، ضاربة بعرض الحائط المعايير الأساسية لحقوق الإنسان.مروة فطافطة، مديرة السياسات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تدعو أكساس ناو من خلال هذا التحليل إلى إجراء مراجعة شاملة لهذه التشريعات لتتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما تؤكد على ضرورة أن تكون القوانين واضحة في أهدافها الرئيسية، المتمثلة في حماية الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم السيبرانية الحقيقية دون المساس بالحريات المدنية والسياسية.
وعليه، تقدّم أكساس ناو في هذه الورقة مجموعة من التوصيات لصنّاع القوانين والسياسات في المنطقة العربية لضمان حقوق الإنسان في العصر الرقمي. تمثل هذه التوصيات الحد الأدنى من المعايير التي ينبغي أن تأخذها الدول بعين الاعتبار عند صياغة تشريعات الجرائم السيبرانية، وتشمل ضرورة احترام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وإشراك منظمات المجتمع المدني وخبراء حقوق الإنسان في صياغة التشريعات، من بين توصيات أخرى.