تونس: غياب الهيئة المُستقلّة لحماية المعطيات الشخصيّة في ظل العام الانتخابي المُقبل يضع مسار الحريّات والحقوق الأساسية في خطر

في يوم الخميس 21 فيفري 2019، أعلن المنسق العام للحزب السياسي “تحيا تونس”، سليم العزابي، أنّ رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، السيد شوقي قداس، سيترأس لجنة إعداد المؤتمر الانتخابي الرسمي والأول للحزب، والإشراف على مساره الانتخابيّ باعتباره “مستقلاً”. يأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تستعد فيه عدة أحزاب لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، في أكتوبر وديسمبر 2019.

و في بيانٍ أصدرته رابطة الهيئات العمومية المستقلة يوم الجمعة، 22 فيفري، علقت الرابطة عمل الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، نظراً لأن قرار رئيسها “يتعارض مع مبادئ الحياد والاستقلالية” الخاصة بالهيئات العموميّة.

تعبراكسس ناو والجمعيات الموقعة أدناه* عن رفضها لقرار رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية في ترك عمله في الهيئة لترأس لجنة إعداد المؤتمر الخاص بإحدى الأحزاب السياسية. إذ أن الهيئة مكلفة بحماية المعطيات الشخصية وذلك يستدعي ويوجب أن تكون الهيئة مستقلّة تماماً. كما أنّ تولي رئيس الهيئة لأي دور داخل حزب سياسيّ معيّن، يتناقض مع الالتزام الوارد في خارطة الطريق الخاصّة بالمؤتمر الدولي لحماية البيانات ومفوّض الخصوصية للحفاظ على الاستقلالية. وعلى إثر ذلك يمكن أن تفقد تونس مقعدها كعضو في شبكة هيئات حماية المعطيات الشخصية الدولية.

كما تعبر على تأييدها لقرار رابطة الهيئات العمومية المستقلة بشأن تعليق عضويّة هيئة حماية المعطيات الشخصيّة إلى حين تعيين رئيس جديد للهيئة، أو لحين عودة رئيس الهيئة الحاليّ إلى استكمال وتوليّ مهامه المكلف بها. وتؤكد على ضرورة ضمان حماية الحق في الخصوصيّة وحماية المعطيات الشخصيّة خاصةً في ظل الإقبال على الانتخابات.

ووفقاً للأمر الحكومي عدد 623 لسنة 2018 المؤرخ في 3 أوت 2018 والمتعلق بتعيين السيد شوقي قداس، رئيسا للهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، ابتداء من 5 ماي 2018، فإن الجمعيات الموقّعة أدناه تطالب رئيس الحكومة يوسف الشاهد بإقالة السيد قداس، وتعيين رئيس جديد للهيئة بذات الإجراءات المتخذة مسبقاً وبما يتماشى مع الفصل 88 من القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المؤرخ في 27 جويلية 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية.

إلى جانب ذلك تطالب الجمعيّات الموقّعة التعجيل بتعويض السيد قدّاس نظرا لكونه فقد نهائيا مقوّمات الحياد الضرورية لترأس هيئة وطنية مستقلة.

 

خلال هذه السنة، من المتوقع أن تواجه تونس واحدة من أكثر الفترات الانتخابية تنافساً ضمن أجواء نأمل أن تكون حرّة ونزيهة. وفي حال خوض ودخول البلاد في موسم الانتخابات دون التأكد من ضمان الحريات والحقوق الأساسية كالحق في الخصوصية والحق في حماية البيانات فإن هذا الأمر سيشكّل كارثة حقيقة وجديّة. وفي ظل المشهد والأوضاع السياسيّة المتوترة حالياً، فمن المؤكد أنه سيتم استغلال المعطيات الشخصية الخاصة بالمواطنين التونسيين بطرق لا يصعب التكهن بها، سواء عبر إرسال رسائل نصّية قصيرة (SMS) سياسية غير مرغوب بها عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني؛ وذلك باستخدام المعطيات الشخصية لاستهداف الرسائل بطريقة غير عادلة؛ وتوفير بيئة سهلة لجامعي المعطيات الشخصية في استخدام و/أو بيع، و/أو الوصول إلى المعطيات الشخصية الخاصة بالتونسيين والتصرف بها بما يخالف القوانين المعمول بها.

 

نتيجة للقرار والتصّرف الصادر عن رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصيّة، فإن مسار مسودة مشروع القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصيّة أضحى غامضاً وغير معروف. كما أن مشروع القانون لم يمرر بصورته الحالية حتى الآن بسبب تصدي منظمات المجتمع المدني والهيئات المستقلة الأخرى له، نظراً لشمول مشروع القانون على أوجه قصور كبيرة تؤثر على ممارسة الحريات الأساسية الأخرى مثل الحق في حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومات. كما كان قد تم  التخطيط مسبقاً لتمرير مشروع القانون في 25 مايو 2018، أي تزامناً مع دخول اللائحة البرلمانية لحماية المعطيات الشخصية (GDPR) في الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ. لكن على غرار ذلك، وبعد مرور عام تقريباً، ما زالت مسودة مشروع القانون في الربع الأول من مسار تمريرها؛ أي لم تحرز أي تقدّم ملحوظ.

 

وأخيراً، والأهم من ذلك، فإن قرار رئيس الهيئة يفتح المجال لمنتقدي الهيئات العمومية المستقلة مما يطوّر من عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، حيث إنه يفتح الباب أمام التشكيك في عمل الهيئة وأي قرارات أخرى قد يتم اتخاذها خلال فترة تولي شوقي قداس رئاسة الهيئة.

*الجمعيات الموّقعة:

اكسس ناو

الجمعية التونسية للإعلام البديل

مراسلون بلا حدود

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

المرصد الدولي للجمعيات و التنمية المستدامة

مراسلون بلا حدود

موجودين

نواة

جمعية اذاعة جمعياتية من أجل التعبير الحر

النقابة التونسية للإذاعات الجمعياتية

منظمة دعم الاعلام المجتمعي

القطب المدني للتنمية وحقوق الإنسان

شبكة دستورنا

مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان